صاحبة «النباتية والكتاب الأبيض» تفوز بنوبل للآداب
أعلنت أمس الخميس فوز الكاتبة الكورية الجنوبية «هان يانج» بجائزة نوبل فى الآداب، وجاء فى حيثيات الجائزة.. أن اللجنة منحتها الجائزة لـ «نثرها الشعرى الشديد الذى يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية».
سادت حالة من السعادة مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلان فوز الكورية «هان كانج» Han Kang، صاحبة رواية «النباتية» التى حصلت بها على البوكر عام 2016.
للكاتبة شعبية كبيرة وسط القراء والكتاّب المصريين، حيث ترجم من أعمالها للعربية «رواية النباتية» التى تتناول قصة سيدة توقفت عن أكل اللحوم، وسط مقاومة عائلتها واستغراب زوجها، بدأت الحكاية ذات صباح بتحولها لنباتية، ثم امتدت الرواية لتغوص عميقاً فى عقل وروح «يونج هي» بطلة العمل، وهى تتذكر الماضي، وتقدم لنا حياتها وذكرياتها.
ثم حربها لتصمد فى قرارها، ثم إنزوائها وكآبتها ووصولها لحافة الموت فى المشفي.
رواية حساسة وغريبة، تبدو الواقعة عادية لكن ما ترتب عليها كان نبش فى حياة كاملة، دكتها واعادتها من جديد.
تتلخص فى نهايتها التى جاءت على لسان البطلة التى تطل على الحياة من داخل سيارة الإسعاف فى أحلامي، وكل الأشياء فى الأحلام تبدو حقيقية، ولكن عندما تستيقظ تعرف أنها ليست كذلك ولهذا السبب علينا أن تستيقظ فى لحظة ما.
وفى روايتها الفارقة «أفعال بشرية» تحكى عن انتفاضة كوانج جو التى وقعت عام 1980 جنوب غرب كوريا، وهى حركة ومظاهرات طلابية رفضت قانون الطوارئ.
وحصلت مواجهة كبيرة ودامية بين المدنيين من ناحية والجيش والشرطة من ناحية أخرى مما أدى لمقتل أكثر من ألفى شخص.
التفاصيل المؤلمة القاسية التى قدمتها الكاتبة فى هذا الكتاب، حولت المأساة من لحم ودم، لنقش باق وشاهد على أفعال البشر وخبلهم وقدرتهم على الإيذاء بوحشية.
قدمت الروايات شهادات على ما حدث، حكاها الأحياء والموتى على حد سواء، فى كتابة متوغلة فى الوصف والألم لتنتقم للضحايا وتبقى شاهدة على ما حدث.
وروايتها الأخرى التى يعرفها القارئ المصرى والعربى هى رواية «الكتاب الأبيض»، وهى الرواية التى كتبتها أثناء إقامتها فى وارسو وهى مدينة كان لها صلة بماضيها، أيقظت الذكريات فى روحها وجعلها تفكر فى كتابة حكاية أختها الأكبر، والتى ماتت بعد ساعتين من ولادتها، استخدمت الكاتبة اللون الأبيض وظلاله لتعكس من خلاله قتامة وظلام خيالاتها عن قماط الصغيرة المتوفية الذى صار هو الكفن والتابوت، حليب الأطفال والثلوج والصقيع الذى غلف كل شيء فى تلك الحكاية وشوارع المكان الممتلئ بأطلال البيوت التى دكتها الحرب فيما سبق.
هان كانج التى استخدمت كل ذلك البياض المحيط بها لتسأل نفسها «هل يمكن للكتابة أن تمنح الحياة لأختى أو تعيدها».
ولدت هان كانج فى عام 1970 فى مدينة كوانج جو الكورية الجنوبية، ثم انتقلت فى سن التاسعة مع عائلتها إلى سيول.
الروائية التى فازت أمس بـ «نوبل» تأتى من خلفية أدبية، والدها كاتب روائى مشهور.
إلى جانب كتابتها، كرست نفسها أيضاً للفنون والموسيقي، وهو ما انعكس طوال إنتاجها الأدبى بالكامل.
الكاتب الأستاذ حلمى النمنم يرى أن هناك شبه اتفاق هذا العام أن تذهب الجائزة خارج أمريكا وأوروبا، وأن تذهب إلى آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية، لذا فكان من المنطقى أن تذهب لـ «هان يانج» بكوريا الجنوبية.
أضاف أنه ترجم للكاتبة الفائزة أربعة أعمال للغة العربية ولها حضور على الساحة الأدبية والثقافية، وهى بالتأكيد مبدعة كبيرة، ولديها أصداء دولية.. وسبق أن حازت على العديد من الجوائز.
قال النمنم إن هناك ملاحظة مهمة وهى أن «هان يانج» بدأت بمجموعات شعرية ثم انتقلت لكتابة الرواية.. وذلك أمر يقودنا لضرورة إعادة النظر فى الفصل الحاد بين الشعر والرواية، وأن تلك الفكرة يجب أن تتوقف.. فالإبداع متصل.. ويمكن للمبدع أن يتحرك بحرية بين الأصناف الأدبية، تبعاً لما يرغب فى قوله.
وعن تواجد الأدب الكورى واهتمام القراء به، يقول انه بالفعل موجود ورائج وأننا لدينا كلية الترجمة وأقسام اللغة الكورية والمركز الثقافى الكوري، وكل ذلك يدعم ويحقق تواجد هذه الثقافة.
د. رمضان الحضرى يرى أن جائزة نوبل منذ عقد من الزمن، وهى جائزة مسيسة بكاملها فى العلوم والآداب، وإن اختيارهم يكون ممن يعيشون بينهم ويعزفون نغمتهم، وكان الاستثناء «نجيب محفوظ» وهو أمر لن يتكرر.
وبغض النظر عن فوز الكاتبة «هان كانج» وكونها تستحق إلا أن الأمر فى النهاية له علاقة بالتوازنات السياسية حتى أن رئيس الجائزة الحالى وهو فرنسى عند استلامه رئاسة لجنة نوبل منذ 7 أشهر، صرح بأنه يشعر بالعار لأن هناك أسماء مهمة لم تحصل على نوبل مثل طه حسين.
يضيف الحضرى أن جائزة نوبل تراعى الأنظمة السياسية أكثر من مراعاتها للفنون والعلوم والآداب.
الجائزة لا تنظر للأدب العربى نظرة جادة، عندما أعطوها لنجيب محفوظ كان مرشحا من جامعة هارفرد ومن المكسيك الأمر المهم فعلاً هو عدم مناقشة المؤسسات العربية لهذه الجائزة والحديث عن الأعمال الفائزة وتوضيح عيوبها، نحن نناقش الأعمال الفائزة بالجائزة على سبيل الاحتفاء وليس مناقشة حقيقية بينما هناك كتّاب أهم بكثير من الفائزين.