صقر السويس “الجمهورية” من منزل عبدالمنعم قناوى آخر عنقود الفدائيين
احذروا الفتن والشائعات.. وكلمة «حرب» عواقبها وخيمة
«عبدالمنعم القناوي» الشهير بـ«صقر السويس» أحد أبطال نصر أكتوبر 1973 وآخر عنقود الفدائيين الـ15 نواة منظمة سيناء العربية التى تأسست عقب نكسة 1967 واستشهدوا جميعاً وظل «الصقر» البطل الوحيد الذى مازال على قيد الحياة..على الرغم من تراجع حالته الصحية إلا أن صور الشهداء مازالت تزين غرفته ويتذكر باستمرار مواقفهم وشجاعتهم التى جلبت النصر وكتبت الحرية لكل حبة رمل من أرض الوطن.
«الجمهورية» زارته فى منزله بعد تحسن حالته الصحية وخروجه من المستشفى أثر عدة جلطات وبعض أمراض الشيخوخة وأجرت معه حواراً مطولاً واسترجعت معه ذكريات النصر.
> سألناه فى البداية ما شعورك بعد تكريم محافظ السويس وزيارته لك؟
>> أشكر جميع مسئولى الدولة الذين وقفوا بجانبى أثناء فترات مرضى المتعاقبة وما بذلوه من مجهود كبير لإنقاذ حالتى من الموت حيث بدأت أول وعكاتى الصحية عام 2009 عندما أصبت بجلطة وغياب للوعى وكان آخرها منذ أسابيع.. والتمس من المسئولين باستكمال علاجى وكل الشكر للواء طارق الشاذلى محافظ السويس والدكتور عبدالله رمضان نائب المحافظ الذين أدخلوا البهجة والسرور على عندما قاموا بزيارتى بمنزلى مما جعلنى أشعر بالسعادة وأن مصر الحبيبة لا تنسى أبناءها على الرغم من أننى بلغت من العمر 80 عاما.
> كيف تتذكر حكاياتك البطولية للدفاع عن المدينة الباسلة؟
>> مازلت أتذكر دورى للدفاع عن الوطن والـ101 يوم التى قضيتها فوق جبل عتاقة بالسويس فبعد عدة محاولات فاشلة لاقتحام السويس فى حرب أكتوبر اكتفى العدو بحصارها وعزلها وقطع الاتصالات عنها وتم تكليفى وكانت وقتها عضوا بمنظمة سيناء العربية التى تطوعت للانضمام لأعضائها بالتسلل خلف خطوط العدو وجمع المعلومات عن حجم أسلحته وتحركاته أثناء الحصار.
تسلقت جبل عتاقة وبقيت فى حفرة ضيقة ولا يوجد معى سوى جهاز لاسلكى وكاميرا ونظارة معظمة بالإضافة إلى بطانية خفيفة وجركن ماء واحد وطعام يكفيه 15 يوماً فقط لكنى قضيت 101 يوماً على الجبل طوال فترة حصار السويس وعندما نفد طعامى والماء أضطررت أن أكل الحشائش وشرب بقايا المطر بين الصخور وكانت تأتينى النجدة عندما ألتقى رجال الصاعقة الذين ينفذون عمليات هجومية أو استطلاعية حول السويس فيمدونه بالطعام والشراب.
> وما دوركم الرئيسى فى صد العدوان عن المدينة الباسلة؟
>> إنا ورفاقى انتشرنا وفقاً لخطة القوات المصرية خلف خطوط العدو الصهيونى خلال فترة حرب الاستنزاف لرصد تحركات وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات ومن أهم المهمات التى نجحنا فيها هى رصد تحركات بالقرب من مقر الجيش الثالث الميدانى وسارعنا بالتوجه لقائد الجيش وإبلاغه ثم الانصراف وكنا سببا فى انقاذ قيادة الجيش من القصف بعد واقعة «الثغرة» بالإضافة إلى القيام بنقل الأسلحة لبعض القيادات مما أفشل مخطط العدو لاحتلالها حيث لم يتمكن منها إلا بعض ساعات من العاشرة صباحا حتى الواحدة ظهرا.
> هل مازالت هناك أماكن شاهدة على معركة السويس؟
>> نعم هناك جامع الشهداء الذى كان أمامه ساتر خرسانى ضخم وكانت الدبابات تقف أمام باب الجامع والجنود الإسرائيليون يسمعون حديثنا بداخله لكنهم لا يجرءون على الاقتراب منه لأنهم رأوا ما حدث لزملائهم فى الشوارع وهناك أيضا قسم شرطة الأربعين القديم وطالبنا بدل المرة مائة مرة أن يتم تحويله إلى متحف دون جدوى لو كنا رفعنا كل الدبابات والمدرعات والمجنزرات التى دمرت فى شارع الجيش وهو أطول شارع فى السويس على مصاطب من الرخام وكتبنا عليها أسماء من دمرها لأصبح الآن أكبر متحف حربى مفتوح وجعلنا التذكرة بمئات الدولارات للسياح.
> وما رسالتك للأجيال الجديدة وسط موجة الحروب المستمرة فى منطقة الشرق الأوسط؟
>> أنصح الشباب بالتفاؤل وعدم فقدان الأمل أو الانسياق وراء الشائعات والعمل بجد وحب لإثبات جدارتهم وأن يسيروا على الطريق السليم لاستكمال المشوار والحفاظ على الوطن الحبيب وينبغى ألا نلوم عليهم إذا كان آباؤهم أصلا الذين خرجوا على المعاش لا يعرفون شيئا عن الحرب فقد كانوا أطفالا حينها لذلك كنت أتمنى أن يقام متحف السويس الشعبى ليضم كل هذا التاريخ من 67 حتى 73 ويتاح لكل المصريين لكن للأسف لم يستجب أحد لما طالبنا به مرارا من تخليد لذكرى البطولات وللأسف لا يضم متحف السويس القومى أى ركن عن الحرب فلا نندهش لأن الشباب لا يعرف عن 6 أكتوبر إلا القليل.
لكن رسالتى للجميع: حافظوا على مصر من الفتن والشائعات وما يخطط لها فكلمة حرب والدخول بها ليس أمر سهل وعواقبه شديدة جدا وعلينا أن نظل عيونا ساهرة لحماية وطننا العزيز وأن نمشى على الطريق السليم.