جامعات ومدارس

سرقات الأبحاث العلمية ..جريمة تنتظر العقاب!!

أكد الخبراء وأساتذة الجامعات أنه رغم قلة الأبحاث أوندرتها إلا أن ظاهرة سرقة ونقل الأبحاث العلمية تشكل خطر كبيرًا على مستقبل البحث العلمى فى مصر، وتهدد مسيرته بتأثيرها السلبى على مناهج البحث العلمى،مما يؤدى الى خروج جيل بعيدا عن البحث العلمى ومشاكل المجتمع لا تقل خطورة نقل الابحاث عن ظاهرة الغش بالامتحانات.

رغم مضاعفة الدولة موازنة وزارة التعليم العالى والبحث العلمى للعام المالى 2023 – 2024 نحو 99 مليار و638 مليون جنيه بزيادة تصل إلى 75.1 مليار جنيه عن موازنة عام 2014 والتى بلغت 24.5 مليار جنيه، الا ان البحث العلمى مازال يعانى من بعض هذه المشاكل وعن ضعاف النفوس من مقدمى الابحاث المسمومة والمقدمة للترقى أو التى يتم شراؤها من على الارصفة وتفتقد للقواعد والضوابط البحثية والعلمية.

خلال العشر سنوات الماضية كشفت بعض الكليات عن حوادث سرقة أبحاث علمية تتنافى كليا مع مواثيق أخلاقيات البحث العلمى، والتى اتفقت على ضرورة الأمانة العلمية، ونصت على «الأمانة العلمية فى تنفيذ البحوث والمؤلفات فلا ينسب الباحث لنفسه إلا فكره وعمله فقط، ويجب أن يكون مقدار الاستفادة من الآخرين معروفا ومحددا.

فى جامعة عين شمس فبراير عام 2010، قامت أستاذ مساعد للغة الصينية بكلية الألسن جامعة عين شمس، بسرقة بحثين علميين تقدمت بهما لترقيتها إلى أستاذ، واكتشفت لجنة فحص الإنتاج العلمى بالمجلس الأعلى للجامعات الواقعة، وأثبتت اللجنة المحكمة عدم الأمانة العلمية وثبوت السرقة فى بحثين كاملين وتم تحويلها للتحقيق.

بينما فى جامعة بنى سويف أحال رئيس الجامعة فى يونيو 2015 أستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلى التحقيق، بعدما تبين سرقة مادة علمية من مراجع أجنبية فى إحدى المؤلفات التى تمسكت بحقها فى ملكيتها الفكرية، وتم إحالتها إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس، دون الإشارة إليها مما يشكل عدم أمانة علمية.

وفى جامعة دمياط 2016 حصل باحث على درجة الماجستير من قسم اللغة العربية وبعد ثبوت سرقته البحث، مما أثار ضجة كبيرة بين زملائه وأساتذته وفى نفس العام تم عزل أستاذ جامعى بجامعة بنى سويف لاتهامه بنسخ بحث من رسالة طالب للترقيه.

كما أصدرت جامعة القاهرة فى سبتمبر 2017، قرارا بإعفاء رئيس قسم بكلية دار العلوم من منصبه، وإحالته للتحقيق لاتهامه بسرقته لأبحاث علمية.

طرحت «الجمهورية « قضية سرقات الابحات العلمية على الخبراء والمختصين لمعرفة كيفية التعامل معها وطرق علاجها خلال الفترة المقبلة؟

تهدد المصداقية

قال الدكتور محمد كمال استاذ بجامعة القاهرة ان السرقات العلمية فى الأوساط الجامعية تعد من المشاكل الهامة التى تهدد مصداقية التعليم العالى وجودة البحث العلمى، فى مصر تعتبر من التحديات التى تواجه الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، مضيفا ان هناك كثيراً من الأمثلة التى تم توثيقها رسميا وعوقب مرتكبيها.

أضاف كمال ان من أهم أسباب السرقات العلمية ضغط النشر الأكاديمى حيث يلتزم الباحثين بنشر الأبحاث فى مجلات دولية من أجل الحصول على الدراسات العليا أو الترقيه مما يعنى تكلفة كبيره للباحثين ، بجانب ضعف الوعى بأخلاقيات البحث العلمى فبعض الطلاب والباحثين لا يعرفون معايير وأخلاقيات البحث العلمى، مما قد يدفعهم لارتكاب هذه الجريمة عن غير قصد، كذلك تزيد السرقات العلمية فى مرحلة الماجستير والدكتوراة بسبب نقص الإشراف الأكاديمى الجيد حيث لا يقوم المشرفون بواجبهم بالإشراف الأكاديمى الفعّال مما يجعل بعض الطلاب يلجئون إلى السرقة العلمية، يضاف لما سبق ضعف القدرات البحثية لدى بعض الطلاب أو الباحثين مثل كتابة البحث وتحليل البيانات، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى النسخ والاقتباس غير القانونى، وبعد كل ذلك تأتى العقوبات عادةً غير رادعة.

اوضح كمال انه فى الثلاث سنوات الأخيرة استخدمت طرق حديثة مثل المواقع وبرامج الذكاء الاصطناعى فى السرقات البحثية وهناك حالات تم الكشف عنها كان أخطرها ما صرح به وكيل حقوق عين شمس أنه بعد استخدام برامج كشف السرقات العلمية لمراجعة الرسائل الممنوحة درجات علمية قبل تطبيق هذه البرامج تبين أن ثلث الرسائل التى حصل أصحابها على الدرجات العلمية بها سرقة علمية وتم سحبها.

واشار كمال ان طرق علاج ومواجهة السرقات البحثية تكون عن طريق تعزيز الوعى بأخلاقيات البحث العلمى حيث يجب على الجامعات والمؤسسات الأكاديمية أن تقوم بتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية إجبارية لتعريف الطلاب والباحثين بأهمية الأمانة العلمية وأخلاقيات البحث وكيفية كتابة الأبحاث بطريقة صحيحة على أن يتم التدريب على يد متخصصين وليس بمعرفة أصحاب العلاقات، واستخدام أنظمة الفحص الإلكترونى التى تكشف السرقات العلمية بشكل إلزامى قبل قبول الأبحاث للنشر أو منح الدرجات العلمية وهو ما بدأت الجامعات المصرية القيام به فى السنوات الأخيرة.

كما يجب تشديد العقوبات وأن تكون واضحة ورادعة تجاه كل من يثبت تورطه فى السرقة العلمية، وتتمثل فى سحب الدرجات العلمية والإدارية التى ترتبت على السرقات العلمية وفصل مرتكبيها ليصبحوا عبرة للآخرين، كما يجب تحسين جودة الإشراف الأكاديمى لمساعدة الباحثين فى تطوير مهارات البحث وتجنب السرقات العلمية، كذلك يجب تشجيع ثقافة النزاهة والابتكار والبحث الأصلى بين الطلاب والباحثين، من خلال تشجيعهم على تقديم أفكار جديدة ودعم مشروعاتهم البحثية، وتغيير آلية ترقية أعضاء هيئة التدريس التى تعتمد بشكل كبير على كمية الأبحاث المنشورة، بدلاً من التركيز على الجودة والإسهام الفعلى فى المجال البحثى والتدريسى.

طالب كمال بإدخال مادة أخلاقيات البحث العلمى فى المناهج الدراسية للجامعات والحلول السابقة تتطلب مشاركة الجميع فيها بدءًا من المجلس الأعلى للجامعات، والجامعات وصولاً إلى الطلاب والباحثين من أجل الحد من هذه الظاهرة وتحسين مستوى البحث العلمى فى مصر.

يرى الدكتور سليم عبد الرحمن أستاذ طرق المناهج والتدريس بكلية التربية جامعة حلوان، وعضو لجنة الترقيات بالأعلى للجامعات أن ظاهرة سرقة الأبحاث العلمية موجودة منذ عقود ومع الوقت أصبح لها حلول من جانب المجلس الاعلى للجامعات عن طريق استخدام نسب للاقتباس محددة ، مضيفاً ان معظم السرقات يتم كشفها مع مطالعة الاستاذ المشرف او المسئول عن البحث بجانب مطالبة الباحث تقديم «سى دى» خاص بالبحث العلمى المتقدمة به للترقى او لاعتماده .

وأضاف عبد الرحمن ان المجلس الاعلى للجامعات يطلب من الباحث عمل مقياس للاقتباس للمادة العلمية المقدمة عن طريق وضع البحث على وسائل تقنين وكشف الكلمات المكررة فى البحث المسموح بها ، وفى حالة تجاوزها يتم رفض البحث وتعتبر سرقات علمية بالاضافة الى إنه يجب ان يكون الاقتباس فى حدود معينة ومذكور صاحبه ، لكن النقل من الابحاث العلمية اكثر من صفحة دون ذكر اسم صاحبه جريمة ، أن هناك شرطا وضع منذ سنوات قليلة بتحديد نسب الاقتباسات فى أى دراسة والكشف عليها من خلال برمجيات تمت إتاحتها بالمكتبات المركزية للجامعات.

وأكد عبد الرحمن انه فى حالة عرض رسالة ماجستير او دكتوارة فيها نسبة اقتباس أكثر من 10 صفحات ترفض فورا ،ولذلك المجلس الاعلى للجامعات يطلب من الباحث وضع البحث على جهاز الكمبيوتر لمعرفة الكلمات المكررة وتحديد ما هو مسموح به من عدمه .

د. وائل كامل عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان يرى أن البحث العلمى للاسف تحول من غاية نابعة عن طموحات داخلية لإثبات الذات والتميز وخدمة المجتمع إلى وسيلة للترقية لزيادة الراتب ، مضيفاً ان نظم الترقية والمعاييرالتى يتم التقيم عليها أصبحت «عقيمة « لاتتناسب مع ظروف التقييم لااساتذة الجامعة ويجب ان يكون هناك طرق جديدة لان الاستاذ الجامعى له طريقان اولها التدريس والاخر البحث العلمى ، ويجب ان يكون بنسبة 50 ٪ لكل منهما لان هدف الجامعة تقديم خريج جيد من خلال التدريس فى الجامعة ، ويكون قياس البحث العلمى كل 5 سنوات على اساس الاثنين، الان معظم الابحاث التى تقدم لا تفيد مجتمعنا ومعظمها تلقى على «الأرفف» دون الاستفادة منها فى خدمة المجتمع ، بالاضافة الى أنه أصبح ينظر للإنتاج العلمى للباحث بالكم وليس الكيف.

د. وائل يرفض  فكرة رفع عدد الأبحاث المقدمة من اجل الترقى بدون النظر لأهمية البحث وإمكانية تطبيقه لخدمة المجتمع والبيئة العلمية، فبعد أن كان شرط الترقى 4 أبحاث تم زيادتها إلى ثمانية أبحاث.

واشار ألى ضرورة سرعة رفع رواتب أعضاء هيئة التدريس، لتصبح لديهم الإمكانية الكافية لمتطلبات الأبحاث، مع رفع موازنة البحث العلمى وإعادة النظر فى نظم الترقى لترتكز على الكيف وليس الكم لتحقيق الهدف منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى